تُعد مرحلة التسنين من أهم وأصعب المراحل في حياة الرضيع، إذ يبدأ فيها ظهور الأسنان اللبنية تدريجيًا بعد أشهر من الولادة، وعلى الرغم من أنها علامة على نمو صحي وتطور طبيعي، فإنها تُسبب قلقًا كبيرًا للوالدين بسبب ما يصاحبها من أعراض التسنين التي تشمل البكاء، وقلة النوم، وفقدان الشهية أحيانًا، وتختلف شدة الأعراض ومدتها من طفل لآخر، ويعتمد التعامل الصحيح معها على فهم الأسباب الفسيولوجية وراءها والطرق العلمية لتخفيف الانزعاج، تابع هذه المقالة لتعرف كل ما تحتاجه عن التسنين ومدة استمرار أعراض التسنين، ومراحل نمو الأسنان، وأفضل الوسائل لتخفيف الألم.
متى يبدأ التسنين عند الأطفال؟
يبدأ التسنين عادةً بين عمر 4 إلى 7 أشهر، ولكن قد يختلف التوقيت من طفل لآخر حسب العوامل الوراثية والتطور الفردي، وقد يظهر أول سن عند بعض الأطفال في عمر 3 أشهر، بينما قد يتأخر إلى الشهر الثاني عشر عند آخرين دون وجود أي مشكلة صحية، وغالبًا ما يكون السن السفلي الأوسط (القاطع المركزي) هو أول ما يظهر، ويليه السن المقابل في الفك الآخر، ثم القواطع الجانبية، وهكذا حتى يكتمل عدد الأسنان اللبنية إلى 20 سنًا تقريبًا بعمر 3 سنوات، ويؤكد الأطباء أن مرحلة ما قبل بروز السن من اللثة هي الأكثر إزعاجًا، لأن الضغط الناتج عن اختراق السن للنسيج اللثوي يسبب للطفل التهابًا موضعيًا بسيطًا وألمًا متفاوت الشدة.
أعراض التسنين
تظهر أعراض التسنين تدريجيًا مع اقتراب بزوغ السن من اللثة، وتشمل مجموعة من العلامات الجسدية والسلوكية، وأبرز هذه الأعراض تشمل:
- اللثة المنتفخة والحمراء: بسبب الضغط الناتج عن السن الذي يحاول شق طريقه نحو الخارج.
- العض والمضغ المستمر: فالطفل يحاول تقليل الشعور بالانزعاج عن طريق الضغط على اللثة.
- زيادة سيلان اللعاب: وهو من العلامات الكلاسيكية، وقد يؤدي إلى تهيج حول الفم أو الذقن.
- الانفعال والبكاء: نتيجة الألم والضغط الموضعي.
- اضطرابات النوم: حيث يستيقظ الطفل عدة مرات أثناء الليل بسبب الانزعاج.
- انخفاض طفيف في الشهية: خاصة تجاه الأطعمة الصلبة أو الرضاعة أحيانًا.
- فرك الأذن أو الخد: لأن الألم قد ينتقل إلى الأذن أو الوجه من خلال الأعصاب المشتركة.
ورغم انتشار الاعتقاد بأن التسنين يسبب الحمى أو الإسهال، فإن الدراسات العلمية تنفي وجود دليل علمي قوي على ذلك، والحمى الشديدة أو الإسهال الحاد قد يشيران إلى عدوى مرافقة وليس إلى التسنين نفسه، لذلك يجب مراجعة الطبيب في هذه الحالات.
علامات التسنين عند الأطفال
بالإضافة إلى الأعراض السابقة، هناك علامات واضحة يمكن ملاحظتها بالعين المجردة تدل على بداية بروز الأسنان، ومن أهم هذه العلامات ما يلي:
- ظهور نقطة بيضاء صغيرة أو خط أبيض تحت سطح اللثة.
- رغبة الطفل في وضع الأشياء في فمه باستمرار.
- تورم موضعي بسيط في منطقة معينة من اللثة.
- تغيرات مزاجية مؤقتة مثل: العصبية أو قلة التفاعل.
وتُشير الدراسات منشورة إلى أن الاستجابة العصبية للألم تختلف من طفل لآخر، مما يفسر تفاوت شدة الأعراض حتى بين توأمين في نفس المرحلة العمرية، وينصح الأطباء بالتمييز بين علامات التسنين وأعراض الأمراض الفيروسية الشائعة في هذه المرحلة مثل: نزلات البرد لتجنب القلق غير المبرر أو استخدام أدوية غير ضرورية.
مراحل التسنين عند الأطفال
تمر عملية التسنين بعدة مراحل تمتد على مدى السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، نوضح هذه المراحل فيما يلي:
- المرحلة الأولى (من 4 إلى 7 أشهر): ظهور القواطع السفلية الأمامية.
- المرحلة الثانية (من 8 إلى 12 شهرًا): بروز القواطع العلوية الأمامية.
- المرحلة الثالثة (من 9 إلى 16 شهرًا): القواطع الجانبية العلوية والسفلية.
- المرحلة الرابعة (من 13 إلى 19 شهرًا): الأضراس الأمامية (molars) التي تساعد على مضغ الطعام.
- المرحلة الخامسة (من 16 إلى 23 شهرًا): الأنياب.
- المرحلة السادسة (من 23 إلى 33 شهرًا): الأضراس الخلفية، وغالبًا ما تكون الأكثر إزعاجًا بسبب حجمها الكبير.
يجب أن يعلم الوالدان أن التسنين عملية طبيعية وتدريجية، وقد يمر الطفل بفترات راحة بين بروز كل سن وآخر.
أطعمة تساعد على سرعة التسنين
رغم أن التسنين يعتمد بشكل أساسي على التطور البيولوجي، إلا أن التغذية السليمة تلعب دورًا مساعدًا في دعم صحة اللثة ونمو الأسنان، ويوصي الأطباء بعدد من الأطعمة التي يمكن أن تساعد في تقوية الأسنان وتخفيف الألم في الوقت نفسه منها:
- الخضروات والفواكه الباردة مثل: شرائح الخيار أو الجزر المقشر والمبرد (وليست المثلجة) لتهدئة اللثة.
- الأطعمة الغنية بالكالسيوم مثل: الزبادي والجبن لتعزيز نمو الأسنان والعظام.
- الأطعمة الليّنة مثل: البطاطا المهروسة أو الفواكه المسلوقة، لتجنب الضغط الزائد على اللثة.
- الأطعمة الغنية بفيتامين D لدعم امتصاص الكالسيوم.
- الأطعمة غير السكرية لتجنب تسوس الأسنان فور بروزها.
ويحذر الأطباء من إعطاء الطفل بسكويت التسنين المحلى أو الأطعمة اللزجة، لأنها تزيد خطر التسوس وتلتصق باللثة.
كما يمكن استخدام عضاضة التسنين (teething ring) المبردة وليس المثلجة، لأن البرودة تخدر اللثة بشكل طبيعي وتقلل من الالتهاب.
كم يوم تستمر أعراض التسنين؟
تُعتبر مدة استمرار أعراض التسنين من أكثر ما يشغل بال الأمهات، ونجيب هنا عن هذه التساؤلات، إذ تبدأ الأعراض عادة قبل بروز السن بـ3 إلى 5 أيام وتستمر يومين إلى ثلاثة أيام بعد ظهوره، أي أن المدة الكلية لأعراض التسنين حول كل سن تتراوح غالبًا بين 5 إلى 8 أيام، وقد يمر الطفل بفترات متكررة من الانزعاج كل بضعة أسابيع مع بزوغ كل مجموعة من الأسنان.
كيفية تخفيف ألم التسنين
للتعامل مع الألم والانزعاج، توصي المصادر الطبية بما يلي:
- تدليك اللثة: باستخدام إصبع نظيف أو قطعة شاش مبللة بالماء البارد.
- عضاضة التسنين الباردة: تساعد على تهدئة الالتهاب طبيعيًا.
- مسكنات الألم عند الحاجة: يمكن استخدام جرعة مناسبة من الأسيتامينوفين أو الإيبوبروفين بعد استشارة الطبيب.
- تجنب جلّات التسنين التي تحتوي على بنزوكايين: فقد حذرت FDA (إدارة الغذاء والدواء الأمريكية) من استخدامها للأطفال دون السنتين بسبب خطر نقص الأوكسجين في الدم.
- الحفاظ على نظافة الفم: تنظيف اللثة بقطعة قماش ناعمة بعد كل رضعة، والعناية بالسن فور ظهوره.
ويشير الأطباء إلى أن البكاء أو الأرق أثناء التسنين أمر طبيعي ومؤقت، لكن إذا لاحظتِ ارتفاع حرارة شديدة أو فقدان شهية مستمر، فمن الضروري مراجعة الطبيب لاستبعاد أي عدوى.
إن أعراض التسنين رغم صعوبتها على الطفل ووالديه، هي جزء طبيعي من رحلة النمو الصحي، وتختلف شدتها ومدتها من طفل لآخر، لكنها غالبًا لا تتجاوز أسبوعًا لكل سن، وبفهم طبيعة هذه المرحلة واستخدام وسائل التخفيف الآمنة مثل: العضاضات الباردة، والتدليك، والتغذية السليمة، يمكن للأم أن تخفف كثيرًا من انزعاج طفلها وتمنحه راحة أكبر، ويؤكد الأطباء أن التسنين ليس مرضًا، بل مرحلة مؤقتة تُمهد لابتسامة مشرقة وصحة فموية جيدة في المستقبل.
